كيف هزم أفراد المستثمرين حيتان وول ستريت بلعبتهم الخاصة

 

عزيزى القارىء تعتبر تلك القصة من اكثر القصص الشيقة بمضاربات البورصه ألأمريكية لقد عاصرتها و تعلمت منها وأنا متحمس للبدء مباشرة بدون اى مقدمات . فدعنى ألخصها لك فى ثلاث مشاهد رئيسيه :

المشهد الأول : شركة بنظام اعمال قديم فى طريقها الى الزوال:

لقد بدأت القصة بشركة تدعى جيم ستوب GameStop Corp. وهى شركة من القرن الماضى لديها ارث كبير يقدر بحوالى 5000 محل تجارى لبيع العاب الكمبيوتر والبلاى ستشن وأرث ضخم من القروض والديون . ولأسباب كثيره فلقد توقفت جموع الزبائن عن شراء الألعاب بالطريقة التقليدية ربما لإنتشار الوباء وعدم الرغبة بالتزاحم او ربما لأنه من الأسهل تحميل الألعاب بطريقة مباشرة من الإنترنت، ايا كان ، تدهور العمل بشكل كبير بتلك الشركة فإنخفضت المبيعات من 9.5 مليار فى 2011 الى 5.2 مليار فى 2020 و تحول صافى الربح من 408$ مليون بعام 2011 الى صافى خسارة 275$ مليون بعام 2020 وبناء عليه انخفض سعر السهم من اعلى نقاطة عند 62.11$ فى 2007 ليصل الى 3.50$ فى 2020 . وبدأ الخلق يعتقدون ان هذا البيزنس فى طريقة الى الإندثار بشكل كلى مثلما حدث مع غيره . تخيل ما حدث مع نوادى تأجير شرائط الفيديو فى بلادنا، ربما لن تعرف أصلا ما أتحدث عنه اذا كنت من مواليد ما بعد 1995.

المشهد الثانى : سوف تعيش مرة واحدة YOLO

ولكن تحاك مؤامرة ابتغاء الثراء السريع  بمكان آخر أكثر عصريه وهو منصة تبادل الآراء ريدت Reddit و بمشاركة مجموعة من الأفراد متنوعى الأعمار والجنس و الخبرات يطلق عليهم مجازا ( مستثمرين أفراد) ويطلقون على انفسهم جيوش القردة Apes Army و/أو عصابة الميمى MEME (سنعرف لآحقا سبب التسمية). وبدأت ظاهرة اقتصادية/ نفسية / استغلاليه بل وانتحارية فى بعض الأحيان تتمثل فى الآتى: نشر كل الأخبار الأيجابيه بل وتطويع الأخبار العادية او حتى السلبية لتظهر بمظهر أكثر ايجابيه , واحيانا فبركة الأخبار لصنع الحفله مثال – جيم ستوب سوف تبيع اونلاين او ان اعضاء مجلس الإدارة الجديد امثال ريان كوهين لديه استراتيجيات فضائية لتخليص الشركة من الخسائر و تحويلها ارباحا. وعلى الصعيد النفسى: بدأ ظهور اتجاهات مثل " انك تعيش مرة واحدة – You Only Live Once “ YOLO”. او "سويا نحن أقوى" و غيرها من الشعارات التى تحث الأفراد ان يشتروا اكثر ولا يهتموا للإرتفاع الصاروخى لسعر السهم او حث الأفراد على عدم الإكثراث بالخسائر ان حدثت وان المكاسب المتوقعه قد تكون اكبر بكثير مما يحلمون به.  وبالفعل  أشتروا الأفراد وارتفع السعر من 10$ بأكتوبر 2020 الى أكثر من 450$ بيناير 2021  وكسب العديد واستطاع كيث جل المعروف اعلاميا بالقط الزائر Roaring Kitty وهو من كبار المروجين للسهم بمنصة رييدت ان يحقق ارباحا أكثر من 20 مليون دولار مقابل استثمار زهيد .

المشهد الثالث: مديرى صناديق المخاطر يستخفون بجيوش القردة فيفجرون السهم ...و أنفسهم كنتيجة

يتيح السوق الأمريكى عمليات البيع بالهامش (سنوضحها اكثر بمقالة أخرى) ولكن ببساطة هى بيع سهم انت لا تملكة ولكنك تستعيره من صاحبة وبتدفع فائدة خلال فترة الإستعارة . البيع بالهامش Short selling هيا استراتيجية تمكنك من المشاركة فى السوق عن طريق بيع السهم الغالى الآن ثم اعادة شراءة عندما يتعقل السوق ويصبح السعر أقل . فمثلا اذا اشتريت سهم ب $5 دولار وبعته بعد شهر ب 10$ فقد ربحت 100% و اذا بدأت الإستراتيجية ببيع سهم لاتملكة عند 10$  ثم اعادة شراءة بعد شهرب 5$ فقد ربحت ايضا 100% منقوصا منها عمولة / فائدة اقتراضك لهذا السهم لمدة شهر. وبناء عليه قام مديرى المحافظ / المؤسسات ببحثهم الخاص ليتبين لهم ان سعر سهم جيم ستوب أغلى بكثير جدا مما يستحقة ورغبتهم فى الإستفادة من الوضع جعلتهم يدخلون تلك الإستراتيجية. بداءو بالدخول ببيع السهم .. يبيعون أكثر.. السعر يتذبذب وينخفض.. عادة ما يخاف المستثمرون المشترون حاملى السهم فيبيعون هم بدورهم و يزيد البيع وينخفض الشراء فينخفض السعر وعندها فقط يستطيع مديرى الصناديق اعادة الشراء بسعر منخفض و يحققون الأرباح .

تأتى الرياح بما لا يشتهى مديرى الإستثمار وحيتان السوق و لا يتعقل السوق ولايخاف جيش القرود بل يشترون أكثر و أكثر و يدعمون بعضهم البعض نفسيا و معنويا و يسوقون السهم لأقاربهم و أصدقائهم ويحلمون بالثراء و يستخدمون الإيجابيه ( سنكون اثرياء) و يستخدمون الكراهيه (دعونا نسحق مؤخرة مديرى الإستثمار الأغنياء الجشعين) و يشترون و يرفعون السعر أكثر و بعد فترة وجيزة يجبرون مديرى الصناديق على الشراء بدورهم لتغطية مراكزهم الخاسره و يحدث الإنفجار فى سعر السهم ليصل أعلى 480$ بفضل شراء الجميع وعدم توافر كمية مناظرة كمعروض للبيع. فوصلت الإستراتيجية لدائرة مغلقة لا يمكن حلها ، انا أشترى كمستثمر ارغب بالربح و انت تشترى كمدير صندوق لوقف نزيف الخسارة بينما معروض الأسهم محدود فيرتفع السعر و يحلق و يطير.

انتهت القصة ولكن لم تنتهى العبره. لك ان تعلم عزيزى القارىء أن معظم من أطلقنا عليهم مجازا (مستثمرى الأفراد) هم مراهقون يشترون بمصروفهم الإسبوعى وعاطلون يشترون بجزء من شيكات دعم البطاله التى كانت تصرفها الحكومة الأمريكية بسخاء أيام انتشار الوباء وعاملون بالحد الأدنى للأجور طامعين للوصول للحرية الماليه. لقد أجتمع هؤلاء أمام أباطرة المال و خريجى أفضل الجامعات فى وول ستريت و لقنوهم درسا لن ينسوه ولن ينساه التاريخ.